ومن الأحاديث الواردة في فضل الصديق تصريحه — صلى الله عليه وسلم — لعمرو بن العاص أن أبا بكر أحب الرجال إليه، فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك ؟ فقال: عائشة، فقلت من الرجال ؟ فقال: أبوها، قلت: ثم من ؟ قال: عمر بن الخطاب فعدَّ رجالاً رواه البخاري ومسلم | وذلك لقوة دينه فلا سبيل للشيطان عليه |
---|---|
فهذه شهادة من صحابي عرفت الأمة له قدره أن أبابكر كان المقدّم فيهم، وكان أفضلهم، وشهادة أخرى من الخليفة الرابع علي بن أبي طالب — رضي الله عنه — الذي حاول البعض إقامة سوق العداوة بينه وبين أبي بكر — رضي الله عنه — إذ يقول: - رضي الله عنه -: " ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها ؟ أبو بكر ، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر ؟ عمر " رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة | وقد كان سيّداً من سادات قريش، وغنيّاً، ومن كبار موسريهم، وكان من الأشخاص الذين حرّموا الخمر على أنفسهم في الجاهليّة، وكانت له في عصر النّبوة مواقف كبيرة، فقد شهد الحروب، واحتمل الشّدائد في سبيل الدّين، وبذل الأموال، وكان رفيق النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - عندما هاجر إلى المدينة، وإليه عهد النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بالنّاس عندما اشتدّ به المرض، وبويع بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - سنة 11 للهجرة، وقد قام بمحاربة المرتدّين والممتنعين عن أداء الزكاة، ورفع دعائم الإسلام، وقد تمّ في أيّامه افتتاح بعض بلاد الشّام والعراق، وقد توفّي في ليلة الثّلاثاء، لثمان خلون من جمادى الآخرة، وهو ابن ثلاث وستّين سنةً، وكانت مدّة خلافته سنتين وثلاثة أشهر ونصف |
وكما روى ابن عباس — رضي الله عنه - قال: وُضِع عمر على سريره فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع، وأنا فيهم فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي فإذا علي بن أبي طالب ، فترحم على عمر ، وقال: ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كنت كثيراً أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم — يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر رواه البخاري ومسلم.
14وقد شهدت له الأمة بالفضل فعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نعدل بأبي بكر أحداً ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نفاضل بينهم رواه البخاري | قطع العطاء عن المؤلفة قلوبهم بعد اعتزاز الإسلام، وقوة شوكته |
---|---|
والثلاثون سنة هي مدة الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم | أخضع أراضي البلاد المفتوحة عنوة للخراج، ولم يقسمها بين الغانمين؛ لكي يستكملوا فريضة الجهاد، وأعادها إلى أصحابها، الذين كانوا عليها، وجعل خراجها حقًّا للمسلمين |
واختيار المسلمين لهم لم يكن عن محاباة لهم لقرابة أو رهبة أو رغبة وإنما كان لفضائل حازوها، ومؤهلات أهلتهم ليكونوا هم ولاة الأمر بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء من بعده، وهذه الفضائل هي ما ذكره الله في كتابه والنبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته، ونحن نذكر نبذة منها لكل خليفة حتى يعلم الناس فضلهم وسبب استحقاقهم خلافة رسول الله — صلى الله عليه وسلم -.
7} آل عمران:61 دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليّا وفاطمة وحسناً وحُسيناً فقال: « اللهم هؤلاء أهلي أخرجه الترمذي | عمر بن الخطاب إنّ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى العدوي القرشي هو أبو حفص، وقد لقّبه النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - بالفاروق، وأمّه هي حنتمة بنت هشام بن المغيرة المخزومية، وهي أخت أبي جهل عمرو بن هشام، ويعتبر عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الرّاشدين، وهو أوّل من لقّب بأمير المؤمنين، وكان في أيّام الجاهليّة من أبطال قريش وأشرافهم، وكانت له السّفارة فيهم، وقد أسلم قبل الهجرة بخمس سنوات، وشهد الوقائع كلها مع النّبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث أرسله النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في عدّة سرايا |
---|---|
ومن فضائله ما رواه أبو هريرة — رضي الله عنه — قال: قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدَّثون فإن يكُ في أمتي أحد فإنه عمر رواه البخاري ومسلم | كان يدعى بالعتيق؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: يا أبا بكر، أنت عتيق الله من النار |
الخليفة الرابع علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: أول من أسلم من الصبيان، وأول فدائي في الإسلام، حضر بدراً وأحدا وغيرها من المشاهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم — واستخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة عند خروجه لغزوة تبوك.
26