إني فاعلٌ ذلك غدا" ، وهو ما يخالف قوله تعالى: "إنما قولنا لشيء إذا أردنـه" ؛ حيث هنا خفي علينا علم الأشياء، كما يعلمها الله تعالى، ومن الكلمات أيضا: ملإيْهِ الملأ ، مائة، مائتين | وإذا انتقض الأساس انتقض سائر ما بني عليه |
ولما كانت القراءتان لا تحتملان رسماً واحداً، فقد كتب في المصحف المكي، والكوفي والبصري بواو قبل السين، وكتب بدونها في المدني، والشامي 32.
ثم تدرّج الناس في وضع الرموز التي تشير إلى رؤوس ، وعلامة الوقف إلى غير ذلك من وجوه التحسين | الثاني: سقطت الواو من أربعة أفعال دلالةً على سرعة وقوع الفعل، ويسارته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل للتأثرية في الوجود، مثل قوله تعالى: "ويمحُ الله الباطل" ، علما أنها وردت في القرآن مثبتة في سورة الرعد: "يمحو الله ما يشاء" ، وكذلك حذفت في قوله تعالى: "ويدعُ الإنسن الإنسان بالشر" ، وحذفها يدل على السهولة، والمسارعة في الفعل، وقوله تعالى: "يوم يدعُ الداعِ الداعي إلى شيء نكر" ، حذفت الواو لسرعة الدعاء وسرعة الاستجابة، أما قوله تعالى: "سندعُ الزبانية" ، حيث وردت بدون واو، وتعليل ذلك حسب قولهم أن "مجيء الفعل المضارع المعتل الآخر بدون حرف العلة بدون جزم دليل على سرعة الحدوث وشدة العقاب الواقع على المجرمين، كما تدل على سرعة استجابة الزبانية، وسرعة تنفيذ العقاب الواقع بالمجرمين" |
---|---|
و مجمل دليلهم: إقرار النبي صلى الله عليه و سلمالكتبة على كتابتهم ، ثم إجماع أكثر من اثني عشر ألفاً من الصحابة ، ثم إجماعالأئمة من التابعين و المجتهدين عليه ، وأدلة أخرى من العقل و النقل | انظر كيف جعلوا قاعدة من اجتهادهم، ثم أخذوا يطبقون المرسوم باختلافه عليها، وهي قاعدة مرنة جدا، لن تقْصر عن استيعاب أي تناقض، بتأوّل مفتوح، فحذْف الألف يدل على ملكوتية، وثبوتها مُلكية، وبناء على ذلك فلن يضيق بك تأويل، ولن تعدم مخرجا، لأي حالة كانت في الرسم والسياق، وهل هذا من الحكمة في شيء؟ أليس الحكمة بوضع الأمر موضعه المناسب؛ من حيث العقل، والحق المدرك؟! أما علامة فقد وضعها نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة نقطتين |
ومثله زيادتها في {مِئَةُ} لأنه اسم يشـتمل على كثرة مفصلة بمرتبتين آحاد وعشرات | المصاحف و دور التحسين والتجويد ـ الإعجام ، الشكل ـ حكمهما :- من الأشياء المستحدثة في المصاحفالنقط ، وهو قسمان :1ـ إعراب ، 2ـ إعجام |
---|---|
والضرب الثاني: الذي تسقط فيه الياء في الخط والتلاوة؛ فهو اعتبار غَيْبة عن باب الادراك جملة، واتصاله بالإسلام لله في مقام الإحسان، وهو قسمان: منه ضمير المتكلم ومنه لام الفعل" | فما مسوِّغ الإقبال على تحسين كتابة المصحف من كل الوجوه، والضنِّ عليه بتخليصه من هذه الإشكالات في الرسم؟! ويُسمّى هكذا بسبب أنهُ كُتب أول مرةٍ في عهدِ والخليفة وكان هو أول من أمر بنسخ وتدوينه |
فإن من الواضح أن هذه الصورة بعيدة كل البعد عن طبيعة الموضوع، فلم يدر في خلد الصحابة- رضوان الله عليهم- شيء من تلك المعاني التي حاول أبو العباس أن يعلل بها رسم الكلمات في المصحف، بصورتها الفلسفية الباطنية الغامضة،ولم يكن الهدف الأول لتسجيل النص القرآني سوى تمثيل ألفاظ التلاوة التي من خلالها- لا من خلال الرسم- تتجلى معاني القرآن العظيم.
30