نضمن لكم عند شرائكم، جودة القهوة ونقل تجربة مختلفة بوجود قهوة من محمصة محلية ومزرعة دولية ونسعى تقديم أبرز الخدمات لإرضاء جميع عملائنا | |
---|---|
والإيحاء يحدث بالكلمة والصورة والفكاهة والقصة والأغنية والقدوة، وهذه كلها تتسلط علينا في حياتنا الاجتماعية، وتغرس فينا عواطف نكاد نحسبها — لفرط إحساسنا بها — طبيعية؛ فالمسلم يشمئز من لحم الخنزير، وكلنا — باستثناء الصينيين — نشمئز من لحم الكلب، ونكاد نعتقد أن هذا الاشمئزاز طبيعي ولو دعانا أحد إلى أن نأكل لحم الكلب لعددناه أسفل إنسان في الدنيا، إن لم نَعُدَّه مجنونًا، والواقع أن هذه العواطف اجتماعية تعود إلى الإيحاء؛ أي: إيحاء المجتمع بالقدوة والكلمة، كلمة نجس للخنزير والكلب، وليس فيها شيء طبيعي |
والمعنى الذي نستنتجه من ظاهرة التنويم النفسي أن قوة الإيحاء كبيرة الأثر في حياتنا الاجتماعية، وأن العقائد التي نغرسها في العقل الكامن الكامنة تبقى حية توجِّهنا وتُعَيِّن لنا أهدافًا نسير نحوها دون أن نعرف مأتاها، وقد سبق أن قلنا: إننا لا نسلك ونتصرف بالوجدان إلا قليلًا جدًّا، وإن ٩٩ في المائة من أخطاء التفكير يعود إلى أننا ننظر النظر الذاتي العاطفي دون النظر الموضوعي الوجداني.
28وأغاني المذياع وأغانيجه توحي إلى الفتيات والشبان بالكلمة والنغمة سلوكًا جنسيًّا قد يصل أحيانًا إلى الدعارة في الإحساس، وفي بعض المعابد يتخذ الكاهن من الألحان والتراتيل في الجو المعتم للمعبد مع البخور ما يُزِيد التقبل للإيحاء فتَثْبُت العقائد، ومثل هذا الجو السيكلوجي تحدثه الفائدة لحفل الزار وتُسرف فيه حتى ينقلب الإيحاء إلى تنويم نفسي تامٍّ فيغيض الوجدان وتبرز الكامنة العقل الكامن فنجد أن المرأة ترقص وتترنح بحركات جنسية سافرة، أو هي تطلب التسلط بأن تركب خروفًا أو نحو ذلك | |
---|---|
وكثير من ظواهر النشاط البشري يُشْبِه هذه الحركة البَطِّيَّة، اذكر جنكيز خان وهتلر ونابليون؛ آلاف البط الآدمي يخرج من آسيا إلى أوروبا، أو من أوروبا إلى أفريقيا، للقتل والتدمير بقوة الكلمات الإيحائية التي تشبه صيحة البطة دون أن يقف واحد كي يتساءل: ما القيمة من هذه الكلمات وهذا القتل والتدمير؟ ومن هنا قوة العقائد الدينية والسياسية والاجتماعية في توجيه الجماهير؛ فإن جميع العقائد عاطفية، وهي تنحدر إلى العقل الكامن وتحركنا إلى النشاط بإيحائها، وقد تكون هذه العقائد كلمات لا أكثر | انظر إلى الإيحاء السيئ في مصر للمسنين؛ فإن الموظف يُحَال على المعاش في سن الستين وكأن هذه الإحالة توحي إليه بأنه لم يَعُدْ مفيدًا، ثم نحن نوحي إليه الوقار، فلا يجري ولا يلعب، فإذا تقدمت به السن إلى السبعين طالبناه بزيادة الوقار، فيجب أن يقعد ويُقِلَّ من الحركة، أي: يجب أن يركد ويتعفن ويموت، وهذا بخلاف ما يلقاه المُسِنُّ في أوروبا من الإيحاء بالشباب والصحة، حتى إنه يكون في السبعين ويلبس الشورط ويلعب، بل ويرقص؛ فهناك إيحاء للصحة والقوة، وهنا إيحاء للمرض والضعف |
مثل وطنية وإمبراطورية عند الإنجليز وشرق وغرب وتاريخ ومَجْد، والدم والأرض عند هتلر؛ فإن هذه الكلمات وأمثالها تُحِيل الأمة إلى ما يشبه النوم النفسي، فتُصْغِي خاضعةً لكل ما تتطلبه منها من مجهود.
1