ويُسنُّ أيضاً للمسافر بالإضافة للقصر؛ أن يجمع بين الصَّلوات المفروضة إذا جدَّ به السّير، وإن نزل في بلدٍ أو مكانٍ ما فيجمع على حسب الحاجة، بحيث ، وبين صلاة المغرب والعشاء في وقت أحد هذه الصَّلوات، على أن يكون أداء الصَّلاة المجموعة مُرتَّباً؛ فيبدأ بالظُّهر ثم العصر عند جمعهما، سواءً كان الجمع تقديماً في وقت الظُّهر أو تأخيراً في وقت العصر، كما يبدأ بأداء صلاة المغرب قبل العشاء سواءً كان ذلك جمعُ تقديمٍ في وقت المَغرب، أو جمع تأخيٍر في وقت العشاء لكنّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يداوم عليه مثل قصر الصَّلاة
أمَّا صلاة التَّطوّع؛ مثل صلاة الضُّحى، وصلاة قيام اللّيل وغيرها، فتُشرع في السَّفر كما هو الحال في الحضر، حيث اتَّفق العلماء على استحباب النَّوافل المُطلقة في حال السَّفر

كيف تكون صلاة المسافر

الصلوات التي تُجمع وتُقصر في السفر في السَّفر هي صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء، وأمَّا صلاتيِّ المغرب والفجر فلا تُقصران، وبناءً على ذلك تؤدَّى صلاة الظُّهر، والعصر، والعشاء ركعتين في حال السَّفر، وتبقى صلاتيِّ الفجر والمغرب على حالِهما، أما سبب اقتصار القَصر على الصَّلاة الرُّباعية دون الثُّلاثية والثُّنائية فذلك لأنه إذا قُصرت صلاة الفجر يبقي من الصَّلاة ركعة واحدة، ولا نظير لها في الفرض، وإذا قُصرت صلاة المغرب والتي تعد وتر النَّهار -كما رود في الحديث الشريف- بطلَ كونها وتراً، ولأنَّ القصر هو سقوط نِصف الصَّلاة، وبعد سقوط نِصف صلاة الفجر والمغرب لا يَبقى نِصفٌ مشروع.

28
كيف تكون صلاة المسافر
وأمَّا الإجماع؛ فيُعدُّ القصر من الأمور المَعلومة من الدِّين بالضَّرورة، وقد أجمعت الأمَّة عليه؛ وبناءً على ذلك يُسنُّ الأخذ بهذه الرُّخصة، والعمل بها أفضل وأولى من تركها، بل إنَّ بعض أهل العلم كرِه إكمال الصَّلاة وعدم قصرها في حال السَّفر؛ بسبب شدَّة مُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصحابته الكرام عليها
كيف تكون صلاة المسافر
ويجوز للمسافر بالطائرة الجمع والقصر كغيره من المسافرين مع مراعاة الشروط المُتعلِّقة بالسفر، والمسافة التي سبق ذكرها
كيف تكون صلاة المسافر
صلاة السّنن في السفر يُسنّ للمسافر أن يُصلِّي قبل الفجر ركعتين سُنَّة الفجر؛ لأنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم يكن يتركهما أبداً وإن كان في سفر، كما يُصلِّي كذلك، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما-: كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي في السَّفَرِ علَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ تَوَجَّهَتْ به يُومِئُ إيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ، إلَّا الفَرَائِضَ ويُوتِرُ علَى رَاحِلَتِهِ ؛ مما يدلُّ على عدم ترك النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لصلاة الوتر حتَّى في حال السّفر
وهية الزحيلي ، الطبعة الرابعة ، سوريا: دار الفكر، صفحة 341، جزء الثاني الجمع والقصر في الطائرة يحرص المؤمن على أداء صلاته في وقتها، ولا يُخرجها عنه إلّا بعُذر؛ فلو دخل وقت الصلاة أثناء الوجود في الطائرة، فإنّه يُؤدّيها في الطائرة؛ محافظةً على أدائها، وخاصّة إذا امتنع إمكان أدائها في الوقت بعد النزول من الطائرة، أمّا لو كان في الإمكان إدراكها في حال كانت الرحلة قصيرة، فإنّه يُؤدّيها عند نزوله، وهو الأفضل إذا كانت تتسبّب في عدم أداء الصلاة بهيئتها الكاملة
سامي نمر أبو عرجة، ، غزة: مجلة الجامعة الإسلامية، صفحة 334-336 وتجدر الإشارة إلى أنَّ المُعتبر في القَصر المَكان وليس الزَّمان؛ فلو نسيَ المُسافر صلاةً في الحضر وتذكَّرها في السَّفر فإنَّه يقصُرها، وإن ذكر صلاة سفرٍ في الحضر أتمَّها، وإذا دخل وقتُ الصَّلاة ثمَّ سافر فله أن يقصُرها، وإن دخل وقتُ الصَّلاة في سفره ثمَّ عاد إلى بلده فعليه أن يتمَّها ولا يجوز له قصرُها

كيف تكون صلاة المسافر

حكم جمع وقصر الصلاة للمسافر حكم قصر الصلاة في السفر الرُّباعية في حال السَّفر مشروعٌ بلا خلاف بين أهل العلم؛ ودليل مشروعيته القرآن، والسُنَّة، والإجماع، فمِن القرآن الكريم قوله -تعالى-: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، والقصر جائزٌ في السَّفر في حال الخَوف وعدمه، حيث كان الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقصر الصَّلاة وهو حاجٌ، ومعتمرٌ، وغازٍ محارب؛ فلم يقتصر الأمر على الغزوات التي تتضمّن الخوف بل تعدَّته إلى مُطلق السّفر، وقد قال النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بهَا علَيْكُم، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ ، كما أنَّ النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- والصَّحابة من بعده داوموا عليها.

13
طريقة الجمع والقصر للمسافر
كما أنّ له الاختيار بين جَمع التَّقديم والتَّأخير في حال نزوله، أمَّا إن كان سائراً؛ فيُسنُّ إذا غابت الشَّمس قبل رحيله أن يَجمع بين صلاة المغرب والعشاء جمعَ تقديم -أي في وقت صلاة المغرب-، أمَّا إن رحل قبل غياب الشّمس فيَجمع بين المغرب والعشاء جَمع تأخير -أي في وقت صلاة العشاء-، كذلك إذا زالت الشَّمس قبل أن يرحل فيَجمع بين الظُّهر والعصر جمع تقديم، أمَّا إن بدأ بالسَّير قبل زوال الشَّمس يجمع بينهما جمعَ تأخير
كيف تكون صلاة المسافر
وقد ذهب الحنابلة إلى أنّ ترك الجمع في السفر أفضل من الإتيان به؛ فهو غير مُستحَبّ عندهم، وكذلك الشافعيّة؛ فهم يرون أنّ ترك الجمع أفضل من الإتيان به، على خِلاف القصر؛ فالأفضل الإتيان به، وذهب المالكية إلى أنّ أداء كلّ صلاة في وقتها أفضل من الجمع
كيف تكون صلاة المسافر
والقَصر مشروعٌ في كل سفرٍ تُقَصر في مثله الصَّلاة؛ سواءً كان السَّفر واجباً والعُمرة والجِهاد، أو مستحبَّاً كالسَّفر لزيارة الوالدين، أو مباحاً كالسَّفر للنُّزهة، وقد تنوَّعت آراء العُلماء في حكم القصر هل هو رُخصَةٌ -اختياريٌّ- أم عزيمةٌ -واجبٌ-؛ فقال الحنفيَّة بوجوب القَصر في حال السَّفر، وأنَّ فرض المسافر ركعتين فقط ولا يجوز له الزَّيادة عليهما، وقال المالكيَّة إنَّ القصر سُنَّة مؤكَّدة؛ لمُداومة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- على فعله؛ حيث لم يرد عنه -عليه الصَّلاة والسَّلام- أنَّه أتمَّ صلاةً قط في حال سفره، وقال الشافعيَّة والحنابلة إنَّ القصر رخصةٌ على سبيل التَّخيير؛ فللمسافر أن يقصر أو أن يُتمّ، إلا أنَّ القصر أفضل من الإتمام لمُدوامة النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عليه