القسم الثاني: من لا ينظر الله إليه يوم القيامة أصحاب هذا القسم محرومون من نظر الله إليهم يوم القيامة، وهم: صاحب العقوق، والمتشبّهة من النساء بالرجال، والديوث الذي يُقرّ الفجور في أهله، ورد فيهم حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثلاثةٌ لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاقّ لوالديه، والمرأة المترجّلة المتشبهة بالرجال، والديّوث رواه أحمد والنسائي | وأما أبو هريرة رضي الله عنه فتقدمت ترجمته في الحديث الأول من كتاب الإيمان |
---|---|
وقد حاول القاضي عياض بيان وجه استحقاقهم لهذه العقوبة، فذكر أنهم ارتكبوا المعصية المذكورة مع ضعف دواعيها عندهم، فإن الشيخ لكمال عقله وضعف أسباب الجماع والشهوة للنساء عنده وترْكِه لحلال، والملك لا يخشى أحداً من رعيّته، فهو مستغنٍ عن الكذب، والعائل الفقير قد عُدِمَ المال، فلماذا يستكبر ويحتقر غيره؟ فكانت أفعالهم ضرباً من الاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته | والكذب يلجأ إليه الإنسان لجلب نفع أو دفع ضرر، ومن تملك أمر الناس فهو لا يخاف أحدا منهم، ولا يرجو من أحد منهم شيئا، بل الناس يرجونه ويخافونه، فلا يحتاج إلى الكذب |
« فَحَلَفَ لَهُ بِاللهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا» أي: كذب فزاد في الثمن الحقيقي الذي اشترى به؛ لقوله:« وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ».
ضعف الداعي أن الزنا محرم على الجميع، وهو فاحشة، وساء سبيلا، لكن الناس يتفاوتون أيضاً في الفاحشة كما يتفاوتون أيضاً في الطاعة المعينة، فالصدقة تصدر من اثنين يكون بينهما كما بين السماء والأرض، والمعصية تصدر من اثنين يكون بينهما كما بين السماء والأرض، هذا قد تصدر منه المعصية وهو في حال من الوجل والخوف والحياء من الله، وهذا تصدر منه وهو متبجح مستهتر فرح بها، مستخفٌّ، فتكون أعظم، وجرمه أكبر، فهذا الإنسان الذي بهذه المثابة الشيخ الزاني يكون قد ضعفت قوته الغريزية، وحصل له من كمال العقل والمعرفة والتجربة، ومر به من الحياة -ومما شاهد فيها وسمع ووقف عليه- أمورٌ تجعله يتريث في الأمور، ولا يستعجل، ولا يقدم على شيء فيه ضرر محض عليه، لاسيما هذه الأمور المدنسة من المنكرات الفاحشة التي تدنس العرض، وتلوث وتلطخ الفُرش، وتختلط بسببها الأنساب، فيقدم عليها هذا مع ذلك كله، ولهذا إذا كان هذا الإنسان بلغ هذه المبالغ في السن فإنه لا يُرجَى له الرشد بعد ذلك، ما يرجى له، خلاص، إنسان في شبابه لربما يقصر يضعف أو نحو ذلك، يرجى له فيما بعد صلاح الحال، لكن إذا رأيته وقد علا مفارقه الشيب وصار بهذه المثابة أُشيمط فلا يُرجَى له بعد ذلك الرشد، ولا يرجى له صلاح الحال، وكمال العقل، إذا رأيت مراهقاً في تلك المرحلة فلا ترجوه بعد ذلك إلا أن يشاء الله | خامسًا: أن الخيلاء أمر قلبي لا يمكن لأحد أن يجزم به؛ لعدم اطلاعه عليه، وحينئذٍ لا يمكن لأحد أن ينكر على أحد؛ لأنه لا يعلم أفعله خيلاء أم لا؟ وحينئذٍ يتوجه السؤال عن الأدلة التي فيها إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على جمع من ، وهو القائل حينما قال له خالد بن الوليد رضي الله عنه: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه! قال أبو بكر الخلال: "أخبرني علي بن عيسى: أن حَنْبَلاً حدثهم قال: قلت لأبي عبدالله يقصد أباه أحمد بن حنبل : الله يكلم عبده ؟ قال: نعم، فمن يقضي بين الخلائق إلا الله عز وجل؟! الأسئلة: س: من قال أن هذه الأيام السبعة التي وردت في الحديث هي غير الأيام الستة التي القرآن؟ الشيخ: لا، هي هي، هي التي في القرآن وهي التي في السنة |
---|---|
والرّجلة هي المترجلة المتشبهة بالرجال | « وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ»؛ أي: لا ينظر إليهم نظرًا خاصًّا، بل يعرض عنهم، فلا ينظر إليهم نظر رحمة ولطف، وإنما النظر العام؛ فإن الله ينظر إلى كل شيء سبحانه |
الثاني: من أسبل لضرورة لحقت به، فلا حرمة حينئذٍ، فهذا كمن أسبل إزاره على قدميه لمرض فيهما، ونحوه، وهذا كالترخيص في لبس الحرير للحكة ونحو ذلك، والقاعدة أن الضرورات تبيح المحظورات، وأيضًا لا بد أن يؤخذ بقدر الضرورة؛ فالضرورة تقدر بقدرها.
22