وهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه جاء بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها وبألف دينار استجابة لنداء النبي صلى الله عليه وسلم: من جهز جيش العسرة فله الجنة ، حتى أكْبر النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل عثمان رضي الله عنه فقال: ما ضرَّ عثمان ما عمل بعد اليوم رواه الترمذي وصححه الألباني | يُذكَر أن سيدنا عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان ثالث الخلفاء الراشدين بعد سيدنا أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- وسيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- |
---|---|
فرجع علي، ومضى رسول الله في سفره | وقد استجاب الصحابة رضوان الله عليهم لنداء النبي صلى الله عليه وسلم، وتسابقوا كعادتهم في البذل، وضربوا أروع الأمثلة في العطاء، فجاء أبو بكر رضي الله عنه بماله كله وكان أربعة آلاف درهم، وجاء عمر رضي الله عنه بنصف ماله، وجاء عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بنصف ماله، وجاء العباس رضي الله عنه بمالٍ كثير |
وعن حجم عطايا عثمان غير المعقولة ، ولا المقبولة ، نقول : لقد ذكر العلامة الأميني قائمة ببعض عطاياه من الدراهم والدنانير ولبضعة أشخاص فقط ، مع أنها لا تكاد تذكر إلى جانب اقطاعاته ، وعطاياه من الأمور العينية ، وكيف لو أضيفت إلى ذلك عطاياه الأخرى طيلة سنوات حكمه ؟! تعرض له أبو ذر الغفاري من الصعوبات والمخاطر أيام الغزوة التي نجاه الله منها وقواه بالصبر عليها، ولقد بذل أبو ذر جهدًا كبيرًا في المشي على قدميه وهو يحمل متاعه على ظهره حتى لحق بالنبي والمسلمين؛ لكي ينال شرف في سبيل الله.
20، عندما بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بنشر الدعوة الاسلامية رافقه الكثير من الصحابة الكرام الذين بدأوا في نشر كل ما يخص الدين الاسلامي، وكانوا دائماً ملازمين للنبي صلى الله عليه وسلم | أما من ناحية الدعم المادي، فقد حث الرسول على الإنفاق في هذه الغزوة لبعدها، وكثرة المشاركين فيها، ووعد المنفقين بالأجر العظيم من الله، فأنفق كل حسب مقدرته، وكان عثمان صاحب القِدْح المُعَلَّى في الإنفاق في هذه الغزوة، فهذا عبد الرحمن بن حباب يحدثنا عن نفقة عثمان حيث قال: « شهدت النبي وهو يحث على جيش العسرة، فقام عثمان بن عفان فقال: يا رسول الله، عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حض على الجيش فقام عثمان بن عفان، فقال: يا رسول الله عليَّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، ثم حض على الجيش فقام فقال: يا رسول الله، عليَّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله، فأنا رأيت رسول الله ينزل عن المنبر وهو يقول: ما على عثمان ما عمل بعد هذه، ما على عثمان ما عمل بعد هذه |
---|---|
ومضى الزمان، وجاء عصر عثمان، ثم حدثت بعض الأمور وسُيِّر أبو ذر إلى الربذة، فلما حضره أوصى امرأته وغلامه: إذا مت فاغسلاني وكفناني ثم احملاني فضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم فقولوا: هذا أبو ذر | وأعطى مئة وستة وعشرين مليوناً وسبع مئة وسبعين ألف درهم ، لأحد عشر شخصاً فقط وكان هو في جملة من أخذ ؛ فكيف بعطاياه طيلة سنوات حكمه ؟! فعاتب من تخلف عتابًا شديدًا، وتميزت غزوة عن سائر الغزوات بأن الله حث على الخروج فيها -وعاتب من تخلف عنها- والآيات الكريمة جاءت بذلك، كقوله تعالى: انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ |
لذا يعتبر الذي جهز جيش العسرة هو الصحابي الجليل عثمان بن عفان ذي النورين، رضي الله عنه.