الثَّالِثَةُ: أَنَّ السَّبَّ مِنْهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الَّتِي لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ فِيهَا أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَإِذَا وَقَعَتْ أَهْوَاؤُهُمْ حَمِدُوا الدَّهْرَ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ كما قال الشيخ صالح آل الشيخ في كتابه كتاب التوحيد أنه عندما يقوم الشخص بوصف الدهر أو السنين بالشدة أو الصعوبة فذلك لا يعتبر سب للدهر ولكن هو وصف وتعبير من هذا الشخص عن الصعوبة التي واجهها خلال هذه السنين، كما أن الشيخ في كتابة قام بتصنيف الأيام بالنحس أو السواد أن ذلك ليس سب ولا يعتبر من إثم سب الدهر وإنما هو وصف أيضاً واستدل على ذلك من كتاب الله عز وجل : في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي صدق الله العظيم، حيث أن المقصود بالنحسات هنا وصف الأيام بالنحس لأنها كانت مليئة بالأحداث الغير مستحبة، فذلك لا يعتبر سب للدهر وإنما هو مجرد وصف لها حيث قام الفاعل بإضافة الفعل في هذه الأيام إلى الزمان وهو الدهر والأيام
فإذا أضافوا ما نالهم من الشدائد إلى الدهر فإنما سبوا الله عز وجل لأن الله هو الفاعل لذلك حقيقة؛ فنهى الله عن سب الدهر بهذا الاعتبار" اهـ والثانية:أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد أعطى من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم من لا يستحق الحرمان

حكم سب الدهر، وهل منه حديث: (الدنيا ملعونة)؟

فالحذر الحذر أيها الإخوة، فالصراع صراع عقائد، ولْيَزِنْ كلُّ مسلم ألفاظه؛ حتى تكون ألفاظًا شرعية بعيدة عما يخل بدينه وتوحيده، ألا وصلوا وسلموا على محمد بن عبدالله كما أمركم بذلك ربكم.

14
ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر
ان السب في حقيقة الأمر يقع على من فعل هذه الافعال وهو الله عز وجل
حكم سب الدهر
وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: يؤذيني ابنُ آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر، أقلب الليل والنهار
حكم سب الدهر
وفي رواية لمسلم لا تسبوا الدهر؛ فإن الله هو الدهر
وهذا يوم فيه كذا وكذا من الأمور ، وليس فيه شيء
وراجع لمزيد الفائدة الفتوى رقم: ولا يزال هذا الأمر — أعني فساد أحوال الزمان — يتتابع شيئا فشيئا ، وينقص العلم ، ويظهر الشح ويتغير الناس حتى لا يبقى في آخر الزمان إلا شرار الخلق ، يتهارجون تهارج الحُمُر ، وعليهم تقوم الساعة

حكم سب الدهر

وهذا للأسف يحصل عند بعض المسلمين، فيسب اليوم الذي حصلت فيه المصيبة الفلانية، أو الساعة التي عرف فيها فلانًا، أو الشهر أو السنة أو الوقت الذي حصل فيه كذا و كذا.

ما معنى لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر
القسم الثالث : أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة : فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافراً
ما ضابط سب الدهر؟
ثانياً : ما جاء في هذا النشيد لا يعتبر سباً للدهر ؛ لأنه من باب الإخبار ، فهو إخبار بعزمه على الثبات على أخلاقه ومبادئه ، حتى وإن تغير حال غيره ، مع مرور الأيام والأزمان
لا يعد هذا من سب الدهر
حكم قول المرء أكل عليه الدهر وشرب وهل هذا يدخل في حديث النهي عن سب الدهر الوارد في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة — رضي الله عنه — قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: قال الله تعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار جواب الفقير إلى ربه عمر يحيى دخان غفر الله له ولوالديه الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إن المثل المذكور والحديث ليسا من باب واحد إذ المقصود من المثل إنما هو الليل والنهار والأيام والسنون ، كما يقال :تضعضع بهم الدهر أي ضعضعهم الدهر ومعناه بددهم وشتت شملهم ،والضعضعة التبديد والتفريق ، جاء في غريب الحديث للخطابي تحقيق : عبد الكريم إبراهيم العزباوي :وإنما نسب للتفرق والتبدد إلى الدهر على معنى أن وقوعهما كان في أيام الدهر والعرب تقول في الرجل إذا طال عمره قد أكل عليه الدهر وشرب يريد أنه أكل وشرب دهرا طويلا ،ومن هذا قول الله تعالى: بل مكر الليل والنهار أي مكركم في الليل والنهار ومثله قولهم ليل نائم أي منوم فيه
الفرق بين سب الدهر ووصفه يوجد فرق كبير بين سب الدهر وبين وصفه فمثلاً سب الدهر يعني العيب وإلقاء اللوم والعتاب على الدهر والزمان الطويل الذي يتم تدبيره من قبل الله عز وجل، ولكن الوصف يعني نقل والبيان بين الأشخاص وهذا هو الفرق بينهم وكذلك أيضاً عندما يتم إضافة فعل ما إلى زمن أو إلى يوم معين فذلك يكون من باب الوصف الجيد وإثبات سوء هذا الموقف ليس السب أو إلقاء اللوم على الزمان، لأن الشخص الذي يقوم بالوصف يعلم أن الكون كله يتم تسخيره من الله، إنما السب فهو اعتقاد أن الكون يتم إدارته من نفسه وسئل الشيخ ابن عثيمين حفظه الله عن حكم سب الدهر : فأجاب قائلا: سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام
وَفِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ، فَرَبُّ الدَّهْرِ تَعَالَى هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الْخَافِضُ الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ، وَالدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَمَسَبَّتُهُمْ لِلدَّهْرِ مَسَبَّةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِهَذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً لِلرَّبِّ تَعَالَى، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ» فَسَابُّ الدَّهْرِ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا

الفرق بين سب الدهر ووصفه بالأمثلة

وفي سبِّ الدهر ورد عن الرسول الكريم ص أنه قال: لا تسبوا الدهر فإن الله عز وجل يقول إن الدهر والأيام والليالي لي أُجددها وأبليها وآتي بملوك بعد مولوك".

4
حكم سب الدهر
الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاده أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل لكن يسبه، لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين، لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه، لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر، ويُكَوِّن فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلا، وليس هذا السب يُكَفِّر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة
ما حكم من يسب ويشتم القدر
جاء الحديث السابق عندما كثر سب الدهر في أيام الجاهلية حيث كان العرب في ذلك يكثرون من قول ياخيبة الدهر كلما أصابتهم مصيبةً ما، كان العرب يقومون باستناد ذلك إلى الدهر ويسبونه، فجاء ذلك الحديث يوضح لهم أن الله هو الدهر لأن انقلاب الليل والنهار بيد الله عز وجل وأيضاً كل الأفعال التي تصيب الأشخاص من تدبير الله وحكمته حيث أنه الفاعل الحقيقي لكل ذلك الله عز وجل فهو المتحكم في أمور الكون والبشر يسندون إليه في جميع أمور حياتهم لذلك لا يجب أن يسب الكون والدهر من قبل البشر، وتفسير الأدلة عن سب الدهر جميعها تعود إلى أن الله صاحب الدهر ومدبر وجميع شئون البشر تسير تحت تحكمه لذلك حين يعترض الأشخاص على أحداث الدهر التي لا تناسبهم ويبدأون في سب الدهر فذلك يعني سب الرب فهو المسئول عن جميع أحداث الدهر
ما حكم من يسب ويشتم القدر
وبناء على ما تقدم يتبين أن سبَّ الدنيا وكذلك الدهر أمر مرجوح، نعم يصح ذم الدنيا لغرض التزهيد فيها والدعوة لعدم الاغترار بزخارفها وذلك يعني الدعوة لعدم الانسياق مع رغبات النفس وشهواتها وليس بمعنى الذم للزمان والمكان