ويقول النبي: « ما دعوت أحد إلى الإسلام إلا كانت عنده كبوة وتردد ونظر، إلا أبا بكر، ما عكم منه حين ذكرته ولا تردد فيه» وتقول عائشة فلما فرغ رسول الله من كلامه أسلم أبو بكر فانطلق عنه رسول الله وما بين الأخشبين أحد أكثر سروراً منه بإسلام أبي بكر | كل عنصر كيميائي له نظير واحد أو أكثر |
---|---|
وتجدر الإشارة إلى أنّ تلك الغزوات والسرايا لم يشارك فيها سوى المهاجرين دون الأنصار؛ حيث إنّ الإِذن كان مُقتصراً عليهم، كما أنّ هذه المرحلة لا تخلو من الجهاد بالصبر والعفو؛ فالإِذن بالقتال يختلف عن الأمر به، والقتال يحتاج إلى الصبر، والخروج للقتال كان اختياريّاً أيضاً؛ فالمسلمون حينما خرجوا مع رسول الله إلى بدر كان خروجهم تطوُّعاً منهم، وحبّاً للجهاد، ولذلك حرص النبي على مشاورة الأنصار في الخروج إلى القتال، وفي هذه المرحلة أيضاً بدأ التمهيد للمرحلة الثالثة؛ بالنهي عن الانسحاب من المعركة، والأمر بالثبات فيها، والشدّة في المواجهة، والثقة بنصر الله، وتجهيز القوّة من الجيش والخيل | ولم يكن المهاجرين أقلّ منهم في ذلك؛ فقد ردّوا إلى الأنصار كلّ ما أعطوهم إيّاه حين استقرّت أمورهم، فأصبح المسلمون بذلك مجتمعاً واحداً، لا فرق فيه بين كبيرٍ وصغيرٍ، أو غنيٍّ وفقيرٍ، أو مهاجرٍ وأنصاريّ، أو حُرٍّ وعَبدٍ، بل كانوا جميعاً تحت راية الإسلام، وقيادة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- |
فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن خضع وأذعن لأمر الله تعالى، وسارع إلى جبل الصفا ليعلم عشيرته الأقربين، يقول ابن عباس -رضي الله عنه-: «لَمَّا نَزَلَتْ وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ٢١٤ صَعِدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّفَا فَجَعَلَ يُنَادِي: «يَا بني فِهْرٍ، يَا بني عَدِيٍّ» -لِبُطُونِ قُرَيْشٍ- حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أبو لَهَب وَقُرَيْشٌ.
4وكان أصحاب رسول الله إذا ارادوا الصلاة استخفوا من قومهم واتجهوا الى شعاب مكة، وكان بعض المشركين يلاحقونهم ويعيبون عليهمما يصنعون، واضطر سعد بن أبي وقاص أن يضرب أحدهم بقطعة من العظم، قيل: إنه عبدالله بن خطل، فشجه، فكان أول دم في الإسلام | وذكر الكتب أيضاً التاريخ الميلادي لذلك اليوم، فقال إنّه اليوم العاشر من شهر أغسطس الثامن من عام ستمئةٍ وعشرة للميلاد، وذكرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- حديثاً طويلاً عن بدء الوحي، وما سبقه من علاماتٍ واهتماماتٍ ظهرت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، إذ كان دأبه أن يمكث في غار حراء لوحده فترةً من الزمن ينقطع فيها عن أهله، تأتيه زوجته خديجة -رضي الله عنها- بما يتزوّد به، ويبقى متأمّلاً متفكّراً، حتى جاءه الوحي يوماً، وبدأ معه بكلمة اقرأ، وبدا على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الخوف والوجل لِما رآه من الملك جبريل على هيئةٍ غير هيئة البشر، وعاد رسول الله خائفاً مرتجفاً ممّا رآه من جبريل، بعد أن ضمّه ضمّاتٍ عدّةٍ بلغ منه الجهد على إثرها، وردّد الآية الكريمة، حتى لامست جوارحه وقلبه، وبقي الخوف بادياً على محيّى النبيّ حتى وصل بيته وزوجته حيث تسائل الناس |
---|---|
ففوجئ برد الفعل الذي أفزع الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ اقترب هذا الرجل من الرسول، ثم احتضنه بشدة | الحكمة من سرية الدعوة وكان السبب لسرية الدعوة في بداياتها هو الحفاظ على الدعوة الناشئة وصيانتها من الهلاك والدمار، فقد كانت نبته تحتاج لرعاية وعناية حتى تقوى وتتجذر ويصعب على المعاندين اقتلاعها |
هاشم عبد الراضي تلخيصات: فريق عمل إسلام واي | |
---|---|
وكانت الطبقة المثقفة ترتاد مجلسه لتنهل علمًا لا تجده عند غيره، فكان رصيده الأدبي والعلمي والاجتماعي في المجتمع المكي عظيمًا؛ ولذلك عندما انضم للدعوة النبوية السرية استجاب له صفوة الصفوة من رجالات العرب، على رأسهم عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله - رضي الله عنهم ـ فكانوا أول ثمار الصديق في الاستجابة لدعوته في نصر الدين الجديد | وكان أول من أسلم على الإطلاق من الرجال والنساء جميعا " خديجة" زوجته رضى الله عنها، فق صدقت بالنبي وأعانته بنفسها ومالها، وحسن رأيها ولم يبد منها تردد ، وكانت تثًّبت النبي في مواطن الشدة وتهون عليه أمر الناس، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: « أمرت أن ابشر خديجة ببيت من قصب، لا صخب فيه ولا نصب» |
دعوة أهل الطائف خرج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من مكّة مُتوجِّهاً إلى الطائف في شهر شوّال من السنة العاشرة للبعثة؛ ليدعو أهلها إلى الإسلام، وتوحيد الله، ورافقه في تلك الرحلة زيد بن حارثة، وكان يدعو كلّ قبيلةٍ يمرّ بها أثناء سَيره، إلّا أنّهم رفضوا دعوته، كما رفضها أهل الطائف، وبقي فيها عشرة أيّامٍ إلى أن طردوه، وتَبِعَه السفهاء منهم، وضربوه بالحجارة، وسبّوه، فتصدّى لهم ، ووقف أمام رسول الله يحميه حتى ضُرِب في رأسه، وسارا حتى وصلا إلى حائطٍ لعتبة بن ربيعة، وأخيه شيبة، فجلس رسول الله تحت شجرة عنبٍ يستظلّ بظلّها، ودعا ربّه، فرقّ له قلبا عتبة وشيبة، فأرسلا له قُطفاً من العنب مع غلام نصرانيّ يُدعى عدّاس، فتناوله رسول الله، وبدأ بأكله، قائلاً: "باسم الله"، فسأله عدّاس عمّا قاله مُتعجِّباً أنّ كلامه لا يصدر من أهل ذاك المكان، فسأله الرسول عن أصله ودينه، فأخبره أنّه من أهل نينوى، وأنّه يعتنق النصرانيّة، فعرف رسول الله أنّ نينوى هي بلاد نبيّ الله يونس -عليه السلام-، فتعجّب الفتى وسأله عن صِلته بيونس، فقال رسول الله: "ذاك أخي، كان نبياً وأنا نبي"، ثمّ أخذ عدّاس يُقبّل يَدَي رسول الله وقَدمَيه، وقال لابنَي ربيعة إنّ الرسول أخبره بما لا يعلم به إلّا نبيّ، فلاموه وعاتبوه؛ لرجوعه عن ، وفي طريق عودة رسول الله من الطائف أرسل الله إليه جبريل؛ يستأذنه بأن يُطْبِق على أهل مكّة الجبلَين، إلّا أنّ رسول الله رفض ذلك؛ آملاً أن يستجيب أحدهم لدعوته.