عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " مَا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا قَطُّ ، وَلَا تَلَا قُرْآنًا، وَلَا صَلَّى صَلَاةً إِلَّا خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! هل يُكَفِّر دعاء كفارة المجلس ذنب الغيبة؟ الغيبة أن تذكر أخاك الغائب بما يكره، وهي ذنب عظيم ولا تكفره كفارة المجلس، لأنه يتعلق بحقوق الآدميين، وحقوق الآدميين لا تكفر بعد التوبة منها والاستغفار إلا باستحلال الشخص الذي تم اغتيابه وإن لم يستطع الإنسان استحلاله فينبغي الدعاء له وذكره في نفس المجالس بصفاته الحسنة ولن يخلو مؤمن منها | وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: " وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارا عقيب الطاعات، لشهودهم تقصيرهم فيها، وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه، وأنه لولا الأمر لما أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية، ولا رضيها لسيده |
---|---|
إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا كَانَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ" ، فلْنحفظْ هذا الدعاء، ونردده في نهاية كل مجالسنا، ونسأل الله أن يغفر لنا كل ذنوبنا | قوله: ما كان في مجلسه ذلك أي: من الذنوب من غير مظالم العباد |
وجاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم من جلس في مجلس، فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذاك:.
إن ألسنتنا توردنا المهالك، وما أبلغ ما ردَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم على معاذ بن جبل رضي الله عنه حين سأله -كما روى الترمذي وقال: حسن صحيح-: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ -أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ- إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» | |
---|---|
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك هذه كفارة المجلس، أما الغيبة لا لابد يتحلل صاحبها أو يدعو له أو يذكر محاسنه التي يعرفها عنه في المواضع التي اغتابه فيها، هذا حق آدمي، الغيبة حق آدمي لابد يتحلله، فإن لم يتيسر ذلك يذكره بالمحاسن والأعمال الطيبة التي يعرفها منه في المواضع التي اغتابه ويندم ويتوب إلى الله ويندم من ذلك، يندم ويستغفر ويعزم ألا يعود؛ هذه التوبة من الغيبة إذا عجز عن استحلاله | وهكذا ينبغي للعبد، كلما فرغ من عبادة، أن يستغفر الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة، ومنّ بها على ربه، وجعلت له محلا ومنزلة رفيعة، فهذا حقيق بالمقت، ورد الفعل، كما أن الأول، حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أخر " انتهى من"تفسير السعدي" ص 92 |
فهذه غيبة، وهذه نميمة، وقد يكون هناك فحش في القول، أو سخرية واستهزاء، أو رجم بالغيب، وقد نكذب ولو مازحين، أو نغضب فنخرج عن شعورنا بما لا يليق، وهكذا! كفارة المجلس بخط جميل يجب حفظ هذا الدعاء الذي حثنا النبي على قوله عقب انتهاء المجالس.