ولهذا تجد هؤلاء مع من شابههم من الرهبان يعالجون الأعمال الشاقة الشديدة المتعبة من أنواع العبادات والزهادات ، مع أنه لا فائدة فيها ولا ثمرة لها ، ولا منفعة إلا أن يكون شيئًا يسيرًا لا يقاوم العذاب الأليم الذي يجدونه | قال الترمذي: وهو الذي اختاره أهل العلم من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: لأن المقصود من الصلاة الخشوع والحضور وشدة البرد والحر مما يشغل المصلي |
---|---|
وقال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: إسباغ الوضوء على المكاره، يعني إتمام الوضوء في أيام الشتاء؛ لأن أيام الشتاء يكون الماء فيها باردًا، وإتمام الوضوء يعني إسباغه، فيكون فيه مشقة على النفس، فإذا أسبغ الإنسانُ وضوءه مع هذه المشقة، دل هذا على كمال الإيمان، فيرفع اللهُ بذلك درجاتِ العبد، ويحط عنه خطيئته وبين نقطة مهمة فقال: المهم أنه يتوضأ على كُرْه ومشقة، لكن بدون ضرر، أما مع الضرر فلا يتوضأ، بل يتيمم، هذا مما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات | قال اصباغ الوضوء على المكاره |
قوله : وفي حديث مالك ثنتين : فذلكم الرباط فذلكم الرباط هكذا هو في الأصول ثنتين وهو صحيح ونصبه بتقدير فعل أي ذكر ثنتين أو كرر ثنتين ، ثم إنه كذا وقع في رواية مسلم تكراره مرتين ، وفي الموطأ ثلاث مرات فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط.
ماهو فضل إسباغ الوضوء فضل إسباغ الوضوء والذكر بعده قال صلى الله عليه وسلم من أسبغ الوضوء وقال أشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، وهو الفضل العظيم لعملية إسباغ الوضوء والإسباغ أن يعم العضو بالماء، وهو الفضل الذي يجب التعرف عليه من أجل إتمام إتمام الوضوء وأن نحسنه جيدا والإسباغ في الوضوء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه | ولو قيل : " الأجر على قدر منفعة العمل ، وفائدته " لكان صحيحًا اتصاف الأول باعتبار تعلقه بالأمر ، والثاني باعتبار صفته في نفسه |
---|---|
فأما كونه مشقًا : فليس هو سببًا لفضل العمل ورجحانه ، ولكن قد يكون العمل الفاضل مشقًا ، ففضله لمعنى غير مشقته ، والصبر عليه مع المشقة يزيد ثوابه وأجره ، فيزداد الثواب بالمشقة ، كما أن من كان بعده عن البيت في الحج والعمرة أكثر يكون أجره أعظم من القريب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة في العمرة : أجرك على قدر نصبك ؛ لأن الأجر على قدر العمل في بعد المسافة ، وبالبعد يكثر النصب فيكثر الأجر ، وكذلك الجهاد ، وقوله صلى الله عليه وسلم : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرؤه ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق له أجران | كان خيار المشاق من الخيارات الموجودة في سؤال المراد بالمكاره في قوله اسباغ الوضوء على المكاره، هو الخيار الأمثل والصحيح الذي يجيب على هذا السؤال، حيث أن الطالب يجب عليه أن يتروى في البحث عن الإجابة الصحيحة، وألا يتسرع في هذا التمرين |
وقد بين أهل العلم أن ذلك لا يعني قصد المشقة وتطلبها ، فالمشقات ليست من مقاصد الشريعة ولا من مراد الشارع ، ولكن إذا لم يتيسر سبيل العبادة إلا بوقوع المشقة ، فيعظم الأجر في هذه الحالة ، وفرق بين الأمرين.